وهى، عند سيبويه والخليل والمبرِّد والزجّاج وأَكثر نحاة البصرة، حرف معناه الرَّدع والزجر، لا معنى له سواه؛ حتى إِنهم يجيزون الوقف عليها أَبداً والابتداءَ بما بعدها، حتى قال بعضهم: إِذا سمعت / كَلاَّ فى سورة فاحكم بأَنها مكيَّة، لأَن فيها معنى التهديد والوعيد، وأَكثر ما نزل ذلك بمكَّة؛ لأَن أَكثر العتوّ كان بها. وفيه نظر؛ لأَن لزوم المكِّيّة إِنما يكون عن اختصاص العتوّ بها لا عن غلبته. ثم إِنه لا يظهر معنى الزجر فى كَلاَّ المسبوقة بنحو {في أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ} ، {يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبِّ العالمين}{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ، وقول من قال: فيه ردع عن ترك الإِيمان بالتصوير فى أَىِّ صورة شاءَ الله، وبالبعث، وعن العجلة بالقرآن، فيه تعسف ظاهر. ثم إِن أَول ما نزل خمس آيات من أَول سورة العلق، ثم نزل:{كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى} فجاءَت فى افتتاح الكلام. والوارد منها فى التنزيل ثلاثة وثلاثون موضعا كلها فى النصف الأَخير.
ورأى الكسائىّ وجماعة أَن معنى الردع ليس مستمرًّا فيها، فزادوا معنى ثانيا يصحّ عليه أَن يوقف دونها، ويبتدأ بها. ثم اختلفوا فى تعيين ذلك المعنى على ثلاثة أَقوال: فقيل: بمعنى حقًّا، وقيل: بمعنى أَلاّ الاستفتاحية، وقيل: حرف جواب بمنزلة إِى ونَعَمْ، وحملُوا عليه: {كَلاَّ