الفِكْرُ: قوّة مطرِّقة للعلم إِلى المعلوم. والتفكر: جريان تلك القوّة بحسب نظر العقل، وذلك مختصّ بالإِنسان دون الحيوان، ولا يقال إِلا فيما يمكن أَن يحصل له صورة فى العقل، ولهذا قيل: تفكَّروا فى آلاءِ الله ولا تفكَّروا فى الله؛ إِذ كان منزَّهاً أَن يوصف بصورة، قال تعالى:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ في أَنفُسِهِمْ} ، {أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السماوات} .
ورجل فِكِّيرٌ وفَكُور: كثير الفكرة. وتقول: لفلان فِكَر، كلّها فِقَر، وما زالت فكرته مغاص الدُرَر.
وقال المشايخ: الفكرة فكرتان: فكرة تتعلَّق بالعلم والمعرفة، وفكرة تتعلقُ بالطلب والإِرادة. فالتى تتعلق بالعلم والمعرفة فكرة التمييز بين الحقِّ والباطل، والثابت والمنفِىِّ. والفكرة الَّتى تتعلَّق بالطَّلب والإِرادة هى الفكرة الَّتى تميّز بين النافع والضَّار، ثمّ تترتَّب عليها فكرة أَخرى فى الطَّريق إِلى حصول ما ينفع فيسلكها، وطريق ما يضرّ فيتركها ولهم فكرة فى عين التوحيد وفكرة فى لطائف الصّنعة، وفكرة فى معانى الأَعمال والأَحوال. فهذه ستة أَقسام لا سابع لها هى مجال أَفكار العقلاءِ.
فالفكرة فى التوحيد: استحضار أَدلَّته وشواهده الدّالة على بطلان الشِّرْكِ واستحالته، وأَنَّ الإِلهيّة يستحيل ثبوتها لاثنين كما يستحيل ثبوت الربوبيّة لاثنين؛ فذلك أَبْطلُ الباطل عبادة اثنين، والتوكُّل على اثنين، بل لا تصلح العبادة إِلا للإِله الحقّ، والرّب الحقّ وهو الله الواحد القهار.