ونُوحٌ اسمٌ أَعجمىٌّ، والمشهور صُرْفُه لسُكُونِ وسطِه، وقيل: يجوزُ صرْفُه وتَرْكُ صرْفِه، قال الله تعالى:{ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} . وقيل: عَرَبِىٌّ واشتقاقُه من النَّوْح، ناحَ يَنُوحُ نَوْحاً ونُوَاحاً ونِيَاحاً ونِياحَةً، فقيل له نُوحٌ لأَنَّه أَقْبَلَ على نَفْسه باللَّوم وناح عليها، واختلفوا فى سبب ذلك، فقِيل: سببه أَنَّه عابَ على صورةِ كَلْبٍ وقَبَّحه، فأوحى إِليه هل تَعِيبُ الصُّورَةَ أَو المُصَوِّر؟ فعرف أَنَّه قد أَخْطأَ، واشتغل بلَوْمِ نفسه، وقيل: لأَنَّه دَعا على قومِه بقوله: {لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً} ، وقيل: بل لأَنَّه كان يَنُوح على قومه ويتأَسَّفُ لكونهم غَرِقُوا بلا تَوْبَةٍ ورُجوع إِلى الله، وقيل غير ذلك. وفى الحديث:"إِذا أَرادَ اللهُ بعَبْد خَيْراً أَقامَ فى قَلْبِه نائحَة". قال:
سِرْ فى بلاد الله سَيّاحا ... وكُنْ على نفسك نوّاحَا
وامْشِ بنُورِ فى أَرْضِه ... كَفَى بنُور الله مِصْباحَا
وفى الحديث:"النِّياحَةُ من عَمَلِ الجاهليّة" وفيه: "مَنْ نِيحَ [عليه] يُعَذَّب بما نِيحَ عَلَيْه" يعنى إِذا أَوصَى به. قال:
وفَتًى كأَنَّ جَبِينَه قَمرُ الضُّحَى ... قامت عليه نَوائِحٌ ورَواجسُ
غرسَ الفَسيل مؤمِّلا لِثماره ... فما الفَسِيلُ ومات [قَبْلُ] الغارِسُ
وقد ذكر اللهُ تعالىَ نُوحاً فى القرآن العظيم وسمّاه بثلاثين اسماً، فسمّاه: مُرْسَلاً بقوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المرسلين} ، ورَسُولاً:{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} ونَذِيراً ومُبِينا: