وكان رجلاً من بنى إِسرائيل، وكان غريباً بينهم، ويُقال إِنَّه كان من أَهْلِ كَرْمان، وقيل: من باجَرْمَى وكان اسْمُه مِيخا، وقيل مُوسَى بن ظَفَر، وقيل له السّامِرىّ نسبة إِلى قبيلة كبيرة من بنى إِسرائيل اسمها سامِرَة، وكانت صنعتُه الصّياغَة، وصحب قوماً كانوا يَعْبُدون العِجْلَ وكانت مَحَبَّته فى قَلْبِه. ولمّا غَرِق فرعون وخرجت بنو إِسرائيل من البَحْرِ سالِمين مَرُّوا على قَوْمٍ من عَبَدَةِ العِجْل فقالوا لِمُوسَى:{اجعل لَّنَآ إلاها كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} ومن هُنا طَمع السّامرىّ فى أَنْ يَدْعُوَهم إِلى عِبادة العجل، وتذكّرَ أَنَّ اليوم الَّذى كان جبريل مقدّمة جُنودِ فرعون ليُدْخِلَهم فى البَحرِ، كان على فَرَسِ الحيوان، فرأَى السّامرىُّ طَرَف حافِرِ فَرَسِهِ، فقبض من أَثَرِ وَطْئِه قَبْضَةَ تُراب وجعله فى صُرَّةٍ، وكان معه إِلى اليوم الذى طَرَحَ بنو إِسرائيل ذَهَبَهُمْ وحُلِيَّهم، ووَقَعَت فيها النارُ وذابَتْ، فأَلْقَى السّامِرىُّ تلك التُّربةَ على ذلك الذهبِ الذَّائب وقال: كُنْ عِجْلاً / فصار عِجْلاً جَسَداً له خُوارٌ، وكان ذلك العجْلُ سببَ فِتْنَة بنى إِسرائيل. وفى بعض الآثار النبويَّة:"إِنَّ لِكُلّ أُمَّةٍ فتْنَةً، وإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِى وعِجْلَها المال".