النُّطْفَة: الماءُ الصّافِى قليلاً كان أَو كثيراً، فمن القليل نُطْفَة الإِنسان. وفى قصّة غَزْوة هَوازِن أَنَّه قال صلَّى الله عليه وسلَّم يوماً:"هل من وَضُوءٍ؟ فجاءَ رجلٌ بنُطْفَة فى إِداوَة فاقْتَضَّهَا، فأَمر بها صلَّى البله عليه وسلَّم فصُبَّتْ فى قَدَح فتوضَّأْنا كلُّنا ونحن أَربع عشرة مائة نُدَعْفِقُها" دَغْفَقَةً يريد الماءَ القليل. وقال أَبو ذُؤَيْب الهذلّى يصف عَسَلاً:
فَشَرَّجَها من نُطْفَة رَجَبِيَّة ... سُلاسِلَة من ماءِ لِصْب سُلاسِل
أَى خلطها بماءِ سماءٍ أَصابَهم فى رَجَب. قال الله تعالى:{مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ} ، وقال {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَة عَلَقَةً} . ومن الكثير قوله صلَّى الله عليه وسلَّم:"لا يزالُ الإِسلامُ يزيد وأَهلُه، وينقُص الشِرْك وأَهلُه، حتى يسيرَ الرّاكبُ بين النُّطْفَتَيْن لا يَخْشَى إِلاَّ جَوْراً"، يريد البحرين: بحر المَشْرِق وبحر المَغْرِب، فأمّا بَحْر المشرق فإِنَّه يَنْقِطع عند البَصْرة، وأَمّا بحر المَغْرب فمنقطعه عند القُلْزُمِ. وقيل: أَراد بالنُّطْفَتَيْنِ: ماءَ الفُرات وماءَ البحر الَّذى يَلىِ جُدَّة وما والاها، وكأَنَّه أَراد أنّ الرّجل يسيرُ فى أَرضِ العرب