للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بصيرة فى ذكر الياس عليه السلام]

وإِلياس اسم أَعجمىّ كسائر أَشكاله، لا مجال للعربية فيه، وإِلْياسِين المذكور فى التَّنزيل إِشارة إِلى إِلْياس وأَتباعه، والَّذى يقرأُ آل ياسين المُراد إِلْياس وأَتْباعه أَيضاً لأَن نسبه: إِلْياس بن ياسِين بن فِنْحاص بن عيْزار بن هارُون بن عِمْران، وقيل: آل ياسِين المراد به آلُ المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم، ولكن فيه ضعف من حيث المعنى، فإِنَّه لا مناسبة بينه وبين ما قبله.

وكان إِلْياسُ من أَنبياء بنى إِسرائيل، أرسل إِلى قوم كانوا ببعْلَبَكَّ، وكانوا يعبدون صنماً سمَّوْه بَعْلاً. وبلغ قومُه فى إِيذائه وجفائه الغايةَ، وعاقبهم الله تعالى أَنواعاً من العقوبة، وكانوا يلْجؤون إِلى إِلْياس، فكان يسأَلُ الله لهم العفْو فيأتيهم الفَرجُ بدُعائه إِلى أَن ملّ إِلياسُ من أَذاهُمْ ونَقْضِ عهْدِهم، فتضرّع إِلى الله تعالى وسأَله الخلاص من مُقاساتهِم فأَذِنَ له فى مفارقَتِهم، وسلبه شهوةَ الطَّعام والشراب حتى يطَّبع كطَبْع المَلَك، فصار إِنسيّاً مَلَكِيّاً أَرْضِيّاً سماوِيّاً، شرقيّاً غَرْبِيّاً، برِّيّاً، مثل أَخيه الخَضِر.

وقد دعاه الله تعالى فى القرآن بخمسة أَسماءٍ: مُؤْمِنٌ {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين} ، مُحْسِنٌ {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين} ، إِلْياسِين {سَلاَمٌ على إِلْ يَاسِينَ} ، إِلْياسٌ ومُرْسَلٌ، {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المرسلين} . قال:

يا منْ تنزّه عن صِفاتِ النَّاسِ ... يا منْ بلذَّةِ ذِكْرِه اسْتِئْناسِى

ما كُنْتُ للذِّكرَى زماناً ناسِى ... فى ذِكْرِكم قد مِلْتُ نحو الْياسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>