النُّطْقُ فى العُرْف: الأَصواتُ المُقطَّعة التى يُظهرها اللسانُ وتَعيها الآذان. ولا يكاد يُقال إِلاَّ للإِنسان، وأَمّا لغيره فعلى التبعيَّة، كقولهم: مالٌ صامِتٌ وناطقٌ، فإِنّهم يريدون بالناطق مالَهُ صَوْت، وبالصّامت: ما لا صَوْتَ له. وقد نَطَقَ الرْجلُ يَنْطِقُ نُطْقاً ومَنْطِقاً، زاد ابن عَبّاد نُطُوقاً:
وقوله تعالى:{عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطير} قال ابنُ عرفة: إِنّما يقال لغير المخاطبين من الحيوان صَوْتٌ، والنُّطق إِنما يكون لمن عَبَّر عن مَعْنَىً، فلَّما فَهَّم الله سليمانَ صلوات الله عليه أَصوات الطَّير سَمّاه مَنْطِقاً لأَنّه عبّر به عن معنىً فَهِمَه، فهو بالنسبة إِليه ناطق وإِن كان صامتا، وبالنَّسبة إِلى من لا يَفْهَم عنه صامتٌ وإِن كان ناطقاً. قال: فأَمّا قول جرير:
لقد نَطَقَ اليَومَ الحَمامُ لِتَطْرَبَا
فإِن الحمام لا نطق له وإِنّما هو صوتٌ، لكن استجاز الشاعرُ ذلك لأَن عنده أَنَّ الحمام إِنّما صَوَّت شوقاً إلى أُلاَّفِهِ وبكَى، فكأَنّه ناطق إِذ عرف ما أَراد.
والمنطقيُّون يسمّون القوّة الَّتى منها النُطق نُطْقاً، وإِيَّاها عَنَوْا حَيْثُ حَدُّوا الإِنسان بالحَىِّ الناطق المائت، فالنُّطْق لفظٌ مُشْتَرك عندهم بين القوّة الإِنسانية التى [يكون بها] الكلام، وبين الكلام