وهم قومُ صالح، وقد قدّمنا أَنَّهم سُمُّوا بهذا الاسم لقلَّة مائهم. والثَّمَدُ: الماء القليلُ، وكانوا سَبْعَمائة قبيلة، كُلّ قبيلة لها عددٌ لا يحصيه إِلاَّ الله تعالى، وكان لهم بئرٌ واحدة بوادِى القُرَى من ديار الحِجْر، قال تعالى {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحجر المرسلين} ، وقال تعالى {جَابُواْ الصخر بالواد} . وكانوا من القوّة والمَهارة والحَذاقة بحدٍّ يَبْنُون من الصَّخْر الأَصمّ والجَبل الراسى بَيْتاً عظيماً مَنْحُوتاً. وهم كانوا أَيضاً شَعْباً من عاد قوم هُود، وهم الَّذين قيل لهم عادٌ / الأُولَى. وقيل لثَمُودَ عادٌ الأخْرَى.
ولمّا دعاهم صالح إِلى الله طلبوا منه المعجزة، فقالوا عَيِّنُوا لى ما شئتم. فقالوا: على سبيل الاستهزاء أَخْرِج لنا ناقةً من هذا الحجر. فأَوحى الله إِليه إِنَّا قد خلقنا ناقةً فى قلب هذه الصَّخْرة منذ أَربعة آلافِ سنةٍ، وقد ضاق صَدْرها وضاق مكانُها، فادع الله بخلاصها من هذا المَضيق، فدَعاه تعالى فانشقت الصّخرةُ من ساعته، وخرجت ناقةٌ ونُتِجَت فى الحال. ولم يترك القوم تَمَرُّدَهم وتكذيبهم فأَشْرَكها الله معهم فى الماء، وظنُّوا أَنَّها تضيّق عليهم فقصدوها وعقروها، وكان سببَ دَمارهم وخرابَ ديارهم. فذكرهم الله عزَّ وجلّ فى مواضع من القرآن. وقال {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ} ، وقال:{وَآتَيْنَا ثَمُودَ الناقة مُبْصِرَةً} ، وقال:{وإلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً} ، وقال:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعبدوا الله فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} ، وقال: {وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ *