الحياة والرَّوْح والراحة والقُوّة والقدرة والحِسّ والحركة والفهم والفكر والسّمع والبصر والنُطْق والفصاحة والعلم والعقل والمعرفة من ثمراته ونتائجه، (وله به) نسب وإِضافة من وجوه عدّة، وهو يباشره ويعاشره مدَّة حياته وطولَ عمره، فى اليقظة والمنام والقُعُود والقيام، ودوام الموافقة والمرافقة والصّحبة، ومع ذلك لا يصل عِلمُه إِلى شىءٍ من كُنْه حقيقته ودَرْكِ معرفته، فكيف يطمع فى الوصول إِلى ساحة إِدراك جلال من تنزَّه من الكمّ والكيف، وتقدّس ذاتُه عن الرَيْنِ والرّيب، وبَعُدَتْ صفاته عن الشَّين والعيب فى عزَّة جلاله، لا وقوف عليه ولا وصول إِليه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السميع البصير} .
والرِّيح معروفة، وهى - فيما قيل - الهواءُ المتحرك. وعامة المواضع الَّتى ذكر الله تعالى فيها الرِّيح بلفظ الواحد فعبارةٌ عن العذاب، وكلُّ موضع ذكر بلفظ الجمع فعبارة عن الرّحمة؛ كقوله تعالى:{إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً} ، وقوله:{وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح بُشْراً} .
وأَمّا قوله:{الله الذي يُرْسِلُ الرياح فَتُثِيرُ سَحَاباً} فالأَظهر فيه الرَّحمة، وقرىءَ بلفظ الجمع وهو أَصحّ.