وقوله تعالى:{وَعَلَّمَءَادَمَ الأسمآء كُلَّهَا} أَى الأَلفاظ والمعانى، مفرداتِها ومركّباتها. وبيان أَنَّ الاسم يستعمل على ضربين:
أَحدهما: بحسب الوضع الاصطلاحىّ، وذلك هو فى المخبَر عنه، نحو: رجل، وفرس.
والثانى: بحسب الوضع الأَوّلىّ، ويقال ذلك للأَنواع الثلاثة: المخبَر عنه، والمخبَر به، والرّابط بينهما المسمّى بالحرف، وهذا هو المراد بالآية؛ لأَنَّ آدم عليه السّلام كما عُلِّم الاسم عُلّم الفعل والحرف. ولا يعرف الإِنسان الاسم فيكون عارفًا مسمّاه إِذا عُرض عليه المسمّى إِلاَّ إِذا عَرَف ذاته، أَلا ترى أَنَّا لو علمنا أَسامى أَشياء بالهنديّة أَو الرّوميّة لم نعرف صورة ما له تلك الأَسماءُ المجرّدة، بل كنَّا عارفين بأَصواتٍ مجرَّدة. / فثبت أَنَّ معرفة الأَسماء لا تحصل إِلاَّ بمعرفة المسمّى، وحصول صورته فى الضمير. فإِذًا المراد بقوله:{وَعَلَّمَءَادَمَ الأسمآء كُلَّهَا} الأَنواع الثلاثة من الكلام وصورة المسّميات فى ذواتها.
وقوله:{مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ} معناه: أَن الأَسماءَ التى تذكرونها ليس لها مسمّيات، وإِنَّما هى أَسماء على غير مسمَّى، إِذ كان حقيقة ما يعتقدون فى الأَسماءِ بحسب تلك الأَسماء غير موجود فيها.