وقوله تعالى:{اعملوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً} انتصابه على التمييز ومعناه: اعملوا ما تعملونه شكرًا لله. وقيل: شكرًا مفعول لقوله: {اعملوا} . ولم يقل: اشكروا لينبّه على التزام الأَنواع الثلاثة من الشكر بالقلب واللسان وسائر الجوارح. وقوله تعالى:{وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور} فيه تنبيه أَنَّ توفية شكرِ الله صعب. ولذلك لم يُثْنِ بالشكر من أَوليائه إِلاَّ على اثنين، قال فى وصف إِبراهيم عليه السلام:{شَاكِراً لأَنْعُمِهِ} ، وقال فى نوح عليه السلام:{إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} .
وإِذا وُصف الله بالشكر فى قوله:{والله شَكُورٌ حَلِيمٌ} فإِنما يُعنى به إِنعامه على عباده، وجزاؤه بما أَقامه من العبادة.
واعلم أَنَّ الشكر أَعلى منازل السّالكين، وفوق منزلة الرّضا، فإِنَّه يتضمّن الرّضا وزيادةً، والرّضا مندرِج فى الشكر؛ إِذ يستحيل وجود الشكر بدونه. وهو نصف الإِيمان. وقد أَمر الله به، ونَهَى عن ضدّه، وأَثنى على أَهله، ووصف [به] خواصّ خَلْقه، وجعله غاية خَلْقه وأَمره، ووعَد أَهله