فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ} قيل: هذا أَمر معناه الخبر، كأَنَّه قال: من لم يستَحْىِ صنع ما شاءَ. وقيل: معناه أَن يريد الرّجل أَن يعمل الخير فيدَعه حياء من النَّاس، كأَنَّه يخاف مذهب الرّياءِ، أَى لا يمنعُك الحياء من المضىّ لما أَردت. وهذا معنى صحيح يشبهه حديثه الآخر:"إِذا جاءَك الشيطان وأَنت تصلِّى فقال: إِنَّك ترائى فزدها طولاً". قال:
إِذا لم تَخْشَ عاقبةَ اللَّيالى ... ولم تَسْتَحْى فاصنع ما تشاء
وقوله تعالى:{صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} ، قال الزَّجّاج: القراءة بالنصب، ويجوز الرّفع، فمن نصب فعلى المصدر. وقوله تعالى:{وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب} دليل على الصّنعة، كأنَّه قال: صَنَعَ الله ذلك صُنْعًا. ومن قرأَ بالضمّ فعلى معنى: ذلك صنع الله.
والمَصْنَعة كالحوض يُجمع فيها ماءُ المطر، وكذلك الصِّنْع، قال الله تعالى:{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} . والمصانع: المبانى من القصور والحصون. قال لبيد رضى الله عنه:
بَلِينا وما تَبْلَى النّجومُ الطوالعُ ... وتبقى الجبالُ بعدنا والمصانعُ
وقال الأَصمعى: العرب تسمّى القُرَى مصانع، وأَنشد لتَميم بن أُبىّ ابن مقبل: