وقوله:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحسنى على بني إِسْرَآئِيلَ} هذه الكلمة قيل هو قوله: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض} . وقوله:{وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً} إِشارة إِلى ماسبق من حكمه الذى اقتضته كلمته، وأَنه لا تبديل لكلماته. وقوله:{وَيُحِقُّ الحق بِكَلِمَاتِهِ} أَى بحججه الَّتى جعلها لكم عليهم سلطاناً مبيناً، أَى حُجَّة قويَّة. وقوله:{يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ الله} إِشارة إِلى ما قال: {فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً} ، وذلك أَن الله تعالى كان قد قال:{لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً} ، ثم قال هؤلاءِ المنافقون:{ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} وقصدهم تبديل كلام الله، فنبَّه على أَن هؤلاءِ لا يفعلون، وكيف يفعلون وقد علم الله منهم أَنهم لا يفعلون، وقد سبق بذلك حكمه.
ومكالمة الله تعالى العبد على ضربين: أَحدهما فى الدُّنيا، والثانى فى الآخرة؛ فما فى الدُّنيا فعلى ما نبَّه عليه بقوله:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ} الآية. وما فى الآخرة ثواب للمؤمنين وكرامة لهم تخفى عليهم كيفيَّته. ونبَّه أَن ذلك يحرم على الكافرين بقوله:{وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ القيامة} . وأَمَّا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم:"ما من أَحد إِلاَّ سيكلِّمه ربَّه ليس بينه وبينه ترجمان"