وأَضعف منه قول آخر: إِن الأَصل: لَمًّا بالتنوين بمعنى جمعاً، ثم حذف التنوين إجراء للوصل مُجرى الوقف؛ لأَن استعمال لَمَّا فى هذا المعنى بعيد، وحَذف التنوين من المنصرف أَبعد. وأَضعف من هذا قول من قال: إِنه فَعْلَى من اللمّ وهو بمعناه، ولكنه مُنع الصرف لأَلف التأْنيث. ولم يثبت استعمال هذه اللفظة.
واختار ابن الحاجب أَنها لَمَّا الجازمة حذف فعلها، والتقدير: لمّا يُهمَلوا، أَو لَمَّا يُتركوا لدلالة ما تقدم من قوله تعالى:{فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} ، ثم ذكر الأَشقياءَ والسعداء. وقيل: الأَحسن أَن يقدّر: لَمَّا يُوَفَّوْا أَعمالهم، أَى إنهم إِلى الآن لم يوَفَّوها وسيوفَّونها.
وأَمَّا قراءَة أَبى بكر بتخفيف (إِن) وتشديد (لمَّا) فيحتمل وجهين: أَحدهما: أَن تكون مخففة من الثقيلة. والثانى: أَن تكون (إِنْ) نافية و (كُلاّ) مفعولا بإضمار أَرى، ولَمَّا بمعنى إِلاّ.
وأَمَّا قراءَة الحرمِيَّيْن بتخفيفهما فإِنَّ الأُولى على أَصلها من التشديد ووجوب الإعمال، وفى الثانية مخففة من الثقيلة، وأُعملت على أَحد الوجهين. واللام مِن (لما) فيهما لام الابتداء.
وأَمَّا المركَّبة من كلمتين فكقوله:
لمَّا رأَيت أَبا يزيدَ مقاتلاً ... أَدع القتال وأَشهد الهيجاءَ
الأَصل فيه: لن ثم أدغمت النون فى الميم للتقارب، ووُصِلا خطأ للإلغاز، وإِنما حقها أَن يكتبا منفصلين. والله أَعلم.