قوله:{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ الله} هنا وفى يونس: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَآءَ الله} لأَنَّ أَكثر ما جاءَ فى القرآن من لفظ الضرّ والنفع معاً جاء بتقديم لفظ الضّرّ؛ لأَنَّ العابد يعبد معبوده خوفاً من عقابه أَوَّلاً، ثمَّ طمعاً فى ثوابه ثانياً. يقوّيه قوله:{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} ، وحيث تقدم النفع تقدّم لسابقة لفظ تضمّن نفعاً. وذلك فى ثمانية مواضع: ثلاثة منها بلفظ الاسم، وهى هاهنا والرّعد وسبأ. وخمسة بلفظ الفعل وهى فى الأَنعام {مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا} وفى آخر يونس {مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ} وفى الأَنبياءِ {مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ} وفى الفرقان {مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ} وفى الشعراءِ {أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} أَمّا فى هذه السورة فقد تقدّمه {مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتدي وَمَن يُضْلِلْ} فقدّم الهداية على الضَّلالة. وبعد ذلك {لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخير وَمَا مَسَّنِيَ السواء} فقدّم الخير على السّوءِ، فكذلك قدّم النَّفع على الضرّ وفى الرّعد {طَوْعًا وَكَرْهًا} فقدّم الطَّوع وفى سبأ {يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ} فقدّم البسط. وفى يونس قدّم الضّرّ على الأَصلِ ولموافقته ما قبلها {لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ} وفيها {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر} فتكرّر فى الآية ثلاث مرّات. وكذلك ما جاءَ