وقوله:{رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ} قال الزجّاج: فيه اختصار تقديره: أَرِنى نَفْسَك أَنْظُرْ إِليك. قال ابن عبّاس: أَعْطِنى النَّظر أَنْظُرْ إِليك. فإِنْ قيل كيف سأَل الرؤيةَ وقد عَلِم أَنَّ الله لا يُرَى فى الدّنيا؟ قال الحسن: هاج به الشوقُ فسأَل. وقيل: سأَل ظنّاً منه أَنه يُرَى فى الدنيا فقال الله: لن تَرانى، أَى فى الدّنيا أَو فى الحال، فإِنَّه كان يسأَل الرّؤية فى الحال. ولن ليست للتأْبيد كقوله {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً} ، ثم أَخبر عنهم أَنهم يتمنَّونْ الموت فى الآخِرة، كما قال:{وَنَادَوْاْ يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}{وياليتها كَانَتِ القاضية} ثمّ تعليق الرّؤية بممُكن وهو استقرارُ الجبل يمنع استحالَة الرّؤية.
ويُستعمل النظر أَيضاً فى التَّحَيُّر فى الأَمر نحو قوله تعالى:{فَأَخَذَتْكُمُ الصاعقة وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ} ، {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} ، {يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} ، {وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكََ} كلّ ذلك نظرٌ عن تَحيُّرٍ دالٍّ على قِلَّة الغَناءِ.