للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلِ يَعْقُوبَ} فإِنه يُريد ورِاثة النُبُوَّة والعِلْم والفضيلة دُون المال، فالمال لا قَدْرَ له عند الأَنبياءِ عليهم السّلام حتى يَتَنافَسوا فيه، بل قَلَّما يَقْتَنُون المال وَيَتَمَلَّكُونَه، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "نَحْنُ مَعاشرَ الأَنْبياءِ لا نُورَثُ ما تَرَكْناه صَدَقَة" وقيل أَيضاً: ما تركناه هو العِلْم وهو صَدَقَة تشتركُ فيها الأُمَّة. وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: "العُلَماءُ وَرَثَةُ الأَنْبِياءِ" إِشارة إِلى ما وَرثُوه من العِلْم، وليس لَفْظ الوراثة إِلا لكون ذلك بغير ثَمَنٍ ولا مِنَّة. وقال صلَّى الله عليه وسلم لعلىّ: "أَنْتَ أَخِى ووَارثى. قال: وما أَرِثُك؟ قال: ما وَرَّثَت الأَنبياءُ قَبْلى، كِتاب الله وسُنَّتى".

وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: "اللَّهُمَّ مُتِّعْنَى بسَمْعِى وبَصَرى واجْعَلهما الوارِثَ مِنِّى أَى أَبْقهِما صحيحن سليمين إِلى أَن أَموت". وقيل: أَراد بَقاءَهما وقُوَّتَهما عند الكِبَرِ وانحلال القُوَى النَّفسانِيّة، فيكون السّمعُ والبصرُ وارثَىْ سائرِ القُوَى والباقِيَيْن بعدها. وقيل: أَراد بالسّمْع وَعْىَ ما يَسْمَعُ والعملَ به، وبالبصرِ الاعتبارَ بما يَرَى". وفى رواية: "واجعله الوارِثَ منّى" فردَّ الهاء إِلى الإِمتاع، فلذلك وَحَّدَه.

ويُقال: وَرِثْتُ من فلانِ عِلْماً، أَى استَفَدْت منه. قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>