هو وجوابُ هذا الوَهْم الباطل هو أَن يقال: بَقِىَ قسمٌ آخر غير ما ذكرتم من القسمين، هو أَن يكون قَضَى بحصول الشىء عند حصول سَبَبه من التوكُّل والدّعاءِ، فنصب الدّعاءُ والتوكُّل سببين لحُصول المطلوب، وقضى بحصوله إِذا فعل العبدُ سَببه، فإِذا لم يأْتِ بالسبب امْتَنَع المسبَّب، وهذا كما إِذا قضَى بحُصول الولدِ إِذا جامع الرّجلُ من يحبلها فإِذا لم يُجامع لم يَحْصُل الولدُ. وقَضَى بحصول الشِبَع والرِىّ إِذا أَكَل/ وشرب، فإِذا لم يفعل لم يَشْبَعْ ولم يَرْوَ. وقَضَى بحصول الحجِّ والوصول إِلى مكَّة إِذا سافر وركبَ الطَّريقَ، فإِذا جلس فى بيته لا يصل إِلى مكَّة أَبداً. وقضى بدخول الجنَّة إِذا أَسْلَم وأَتَى بالأَعمال الصّالحة، فإِذا لم يُسْلمْ مادخلها أَبداً. فوزان ما قاله منكرو الأَسباب أَن يترك كلٌّ من هؤلاءِ السببَ المُوصِّل ويقول: إِن كان قُضِى لى وسبق لى فى الأَزل حُصول الوَلَدِ والشِّبَع والرِىّ والحَجِّ ونحوِه فلابّد أَن يصل إِلَّى، تحرّكتُ أَو لم أَتحرّكْ، تزوّجتُ أَو تركتُ، سافرتُ أَو تركتُ، وإِن لم يكن قُضِىَ لى لم يحصُل لى أَيضاً، فعلتُ أَو تركتُ، فهل يَعُدُّ أَحدٌ هذا القائلَ من جملة العُقلاءِ؟ وهل البهائم إِلاَّ أَفْهَم منه، فإِنَّ البهيمة تَسْعَى فى السّبب. فالتوكُّل من أَعْظم الأَسباب الَّتى يحصل بها المقصود ويندفع بها المكروه. فمن أنكر الأَسباب لم يستقم منه التَّوكُّل، (ولكن من تمام التوكُّل عدم الرُّكُونِ (إِلى) الأَسباب وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال