وقال أَبو النَّصر: هَدَيْته الطَّريقَ لغةُ أَهلِ الحجاز، وهَدَيْتُه إِلى الطريق لغةُ غيرهم، حكاه الأَخفش. قال الزمخشرىّ: هَداهُ لِكذا أَو إِلى كَذا إذا لم يَكُن فيه فيَصل إِليه بالهِدَاية، وهَداهُ كذا يحتمل كونُه فيه وكونه ليس كذلك، فلا يجوز {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} كون أَصله باللام أَو إِلى، هكذا قال، والمشهور ما قدّمناه.
وقال الراغب: الهِدَايَةُ: دَلالةٌ بُلْطف، ومنه الهَدِيَّة. وهَوادِى الوَحْش أَى المتقدِّمات الهادِيَةُ لغيرِها. وخُصَّ ما كان دلالةً بَهَدَيْتُ وما كان إِعطاءً بأَهْدَيْتُ، نحو أَهْدَيْتُ الهديَّةَ، وهَدَيْتُ إِلى البَيْت.
إِن قيل كيف جعلت الهداية دَلالةً بلُطْفِ والله تعالَى يقول:{فاهدوهم إلى صِرَاطِ الجحيم} ؟ قيل: ذلك على سبيل التَهَكُّم مبالغةً فى المَعْنَى نحو قوله: {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ومنه قوله:
تَحيّةُ بَيْنِهم ضَرْبٌ وَجيعُ
وهِدايةُ الله تعالى للإِنسان على أَربعةِ أَضرب:
الأَوّل: الهِداية التى عَمَّ بها كُلَّ مكلَّفٍ من العَقْل والفِطْنَة والمَعارف الضروريّة، بل عمّ بها كلَّ شىءٍ حَسَبَ احتمالِه، كما قال تعالى:{رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى} .