وكلُّهم عَلَيْك دَلَّونى". وفى الصّحيحين: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: "أَحَبُّ الصّيام إِلى الله صِيامُ داوُدَ، كان يصوم يوما ويُفْطِرُ يوما، وأَحبُّ الصّلاة إِلى الله صَلاةُ داوُدَ، كان يَنام نصفَ اللَّيْل ويَقُوم ثُلُثَه، وَينام سُدُسَه"، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم لأَبى مُوسَى الأَشعرىّ: "لو رَأَيْتَنِى وأَنا أَسْتَمِع قِراءتَك البارِحَة لَقَدْ أُوتيتَ مِزْماراً من مَزامِير آل داوُدَ". وعند البخارىّ قال صَلَّى الله عليه وسلَّم: "خُفَّف على داوُدَ القرآن فكان يأْمُرُ بدوَابِّهِ أَن تُسْرَج فَيقْرَأَه قبل أَن تُسْرَج دَوَابُّهُ، وكان لا يأْكل إِلاَّ من عَمَل يَدَيْه"، المُراد بالقرآن الزَّبور. وعن أَبى الَّدرْداء يرفعه: "كان من دُعاءِ داودَ الَّلهم إِنىّ أَسأَلُكَ حُبَّكَ وحُبَّ مَنْ يُحبّك، والعَمْلَ الَّذى يُبَلِّغنى حُبَّك، الَّلهُمّ اجعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلىّ من نَفْسى وأَهْلِى ومن الماء البارِد". وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إِذا ذَكَر داودَ قال: "كان أَعْبَدَ البَشَر" حسّنه الترمذىّ. وعن الفُضَيْلِ بن عِياض قال: قال داود: إِلهى كنْ لابْنِى سُلَيْمان كما كُنتَ لى، يكن لك كما كنت لك.
قال العلماء: لمّا استُشْهِد طالوتُ أَعطت بنو إِسرائيل داودَ خزائنَ طالوت ومَلَّكوه على أنفسهم، وذلك بعد قتل جالوتَ بسبع سِنين، ولم يجتمِع بنو إِسرائيل [بعد يوشعَ ابن نون] على ملِك إِلاَّ داوُدَ.
قال كعبُ بنُ مُنَبّه. كان داودُ أَحْمَرَ الوَجْه سَبْطَ الرَأْسِ، أَبيضَ الجِسْم، طويل اللِّحية، فيها جعودة، حَسَنَ الصَوت والخَلْق، طاهر القلب. وقال: وممّا أُعْطِىَ من الفضائل والخصائص الزَّبُورُ وحُسْنُ الصّوت، فلم يُعْطَ أَحدٌ مثل صَوْته. وحكى من آثارِ صوتِه أَشياء عجيبة حتَّى إِنّ وحوش الصّحراءِ وطُيُور الهواء وسُكّان الأَرض والسّماء كانوا يَطْرَبُون لسماع صَوْتِه / ويَتَلَذَّذُون بِحُسْنِ أَلْحانِهِ؛ ومنها تَسْخِير الجِبال والطَّير للتَّسبيح