وخصصت هذه السّورة بالخطاب لقوله:{إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم} وألحق ما فى الروم به. وأَمّا [ما] فى العنكبوت فعلى القياس، عطف على اللام قبله، وهى للغائب.
قوله:{وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ} وفى الملائكة: {بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا} الهاءُ فى هذه السورة كناية عن الأَرض، ولم يتقدّم ذكرها. والعرب تجوّز ذلك فى كلمات منها الأَرض، تقول: فلان أَفضل مَنْ عليها، ومنها السماء، تقول: فلان أَكرم مَن تحتها، ومنها الغداة (تقول) : إِنها اليوم لباردة. ومنها الأَصابع تقول: والذى شقَّهن خَمسا من واحدة، يعنى الأَصابع من اليد. وإِنما جوّزوا ذلك لحصولها بين يَدَىْ متكلم وسامع. ولمّا كان كناية عن غير مذكور لم يُزد معه الظهر لئلا يلتبس بالدّابة؛ لأَن الظهر أَكثر ما يستعمل فى الدابَّة؛ قال صلى الله عليه وسلم:"المنبتُّ لا أَرضا قطع ولا ظهرا أَبقى" وأَما فى الملائكة فقد تقدّم ذكر الأَرض فى قوله: {أَوَلَمْ يَسِيْرُواْ فِيْ الأَرْضِ} وبعدها: {وَلاَ فِيْ الأَرْضِ} فكان كناية عن مذكور سابق، فذكر الظهر حيث لا يلتبس. قال الخطيب: إِنما قال فى النحل: {بِظُلْمِهِمْ} ولم يقل (على ظهرها) احترازا عن الجمع بين الظاءين؛ لأَنها تثقل فى الكلام، وليست لأُمّة من الأُمم سوى العرب. قال: ولم يجئ فى هذه السّورة إِلا فى سبعة أحرف؛ نحو