لا يجد صاحبه مُتنفَّساً، وما قبله من الآيات يقتضى ذلك، وهو {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارِ} إِلى قوله {مِنْ حَدِيْدٍ} فمَنْ كان فى ثياب من نار فوق رأسه جهنم يذوب من حَرّه أَحشاءُ بطنه، حتى يذوب ظاهرُ جِلده، وعليه موكَّلون يضربونه بمقامع من حديد، كيف يجد سروراً ومُتنفَّساً من تلك الكُرَبِ التى عليه وليس فى السّجدة من هذا ذِكر، وإِنما قبلها {فَمَأْوَاهُمُ النار كُلَّمَآ أرادوا أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا} .
قوله:{وَذُوْقُواْ} ، وفى السَّجدة:{وَقِيْلَ لَهُمْ ذُوْقُواْ} القول ها هنا مضمر. وخُصّ بالإِضمار لطُول الكلام بوصف العذاب. وخصّت سورة السّجدة بالإِظهار، موافقة للقول قبله فى مواضع منها {أَم يَقُوْلُونَ افْتَرَاهُ}{وَقَالُواْ أَءِذَا ضَلَلْنَا} ، و {قُلْ يَتَوَفَّاكُم} و {حَقَّ الْقَوْلُ} وليس فى الحجّ منه شىء. قوله:{إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} مكرَّرة. وموجِب التكرار قوله:{هاذان خَصْمَانِ} ، لأَنَّه لمّا ذكر أَحَدَ الخَصْمين وهو {فالذين كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارِ} لم يكن بُدّ من ذِكر الخَصْم الآخر فقال: {إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُواْ} .
قوله:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ والقآئمين} وفى البقرة {وَالْعَاكِفِيْنَ} وَحَقَّه أَن يذكر هناك لأَنَّ ذكر العاكف هاهنا سبق فى قوله {سَوَآءً العَاكِفَ فِيْهِ وَالبَاد} ومعنى {والقآئمين والركع السجود} المُصَلُّون. وقيل: