تقتضى فى كلّ ما نظر إِليه الإِنسان أَنَّه موجود؛ كما قال - تعالى -: {وَهُوَ الذي فِي السمآء إلاه وَفِي الأرض إلاه} . ولذلك قال بعض الحكماءِ: مَثَل طالب معرفتِه مَثَلُ مَن طوّف الآفاق فى طلب ما هو معه. والباطن إِشارة إِلى معرفته الحقيقية. وهى الَّتى أَشارة إِليها أَبو بكر الصّدّيق - رضى الله تعالى عنه - بقوله: يا من غاية معرفته، القصور عن معرفته. وقيل: ظاهر بآياته، باطن بذاته، وقيل: ظاهر بأَنَّه محيط بالأَشياءِ، مدرك لها، باطن من أَن يحاط به؛ كما قال:{لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار} . وقد رُوى عن أَمير المؤمنين علىّ - رضى الله عنه - ما دلَّ على تفسير اللفظتين، حيث قال: تجلَّى لعباده من غير أَن رأَوه، وأَراهم نفسَه من غير أَنْ تجلَّى لهم. ومعرفة ذلك تحتاج إِلى فهم ثاقب، وعقل وافر. وقوله تعالى:{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} قيل: الظاهر بالنبوّة، والباطنة بالعقل. وقيل: الظَّاهرة: المحسوسات، والباطنة: المعقولات: وقيل: الظاهرة: النُّصرة على الأَعداءِ بالنَّاس، والباطنة: النصرة بالملائكة. وكلّ ذلك يدخل فى عموم الآية. والله أَعلم.