عنه - كان حاله مع النبىّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كحال رجلين دخلا داراً. فرأَى أَحدهما تفاصيل ما فيها، وجزئيّاتها، والآخر وقع بصرُه على ما فى الدّار، ولم ير تفاصيله ولا جزئيّاته؛ لكنه علم أَنَّ فيها أُموراً عظيمة، لم يدرِك بصرُه تفاصيلها، ثم خرجا، فسأَله عمّا رأَى فى الدّار، فجعل كلَّما أَخبره بشئٍ صدّقه، لِمَا عنده من شواهده. وهذه أَعلى درجات الصّدّيقيّة. ولا يستبعد أَن يَمُنّ الله تعالى على عبد بمثل هذا الإِيمان؛ لأَنَّ فضل الله لا يدخل تحت حَصْر ولا حسبان. فصاحب هذا القلب إِذا سمع الآيات. وفى قلبه نور من البصيرة ازداد بها نوراً إِلى نوره. فإِن لم يكن للعبد مثلُ هذا القلب فأَلقى السّمع، وشهد قلبُه، ولم يغِبْ، حصل له التَّذكُّر أَيضاً {فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} والوابل والطَّلّ فى جميع الأَعمال، وآثارها، وموجباتها. وأَهل الحبّ سابقون ومقرّبون، وأَصحاب يمين، وبينهما من درجات التفضيل ما بينهما، والله أَعلم.