للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلى ما سوى الله خوفاً منه، أَو رغبةً فيه، أَو مبالاةً وفِكراً فيه، بحيث يشتغل قلبهُ عن الله تعالى. والاتِّصال لا يصحّ إِلاَّ بعد هذا الانفصال. وهو اتِّصال القلبِ باللهِ، وإِقبالُه عليه، وإِقامة وجهه له حُبّاً وخوفاً ورجاءً وإِنابةً وتوكلاً. وهذا إِنما يحصل بحَسْم مادة رجاء المخلوقين من قلبك، وهو الرّضا بحكم الله وقَسْمه لك، وبِحَسْم مادة الخوف وهو التسليم لله؛ فإِنَّ مَنْ سلَّم لله واستسلم له علم أَنَّ ما أَصابه لم يكن ليُخطئه فلا يبقى للمخلوقين فى قلبه موقع؛ فإِنَّ نفسه الَّتى يَخاف عليها قد سلَّمها إِلى مولاها وأَودعها عنده وجعلها تحت كَنَفه، حيث لا يناله يَدُ عادٍ ولا بغىُ باغٍ، وبحَسْم مادَّة المبالاة بالنَّاس. وهذا إِنَّما يحصل بشهود الحقيقة وهو رؤية الأَشياءِ كلّها من الله وبالله وفى قبضته وتحت قهر سلطانه، لا يتحرّك منها شئ إِلاَّ بحَوْله وقوّته، ولا ينفع ولا يضرّ إِلاَّ بإِذنه ومشيئته، فما وجه المبالاة بالخلق بعد هذا الشهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>