ويقال: إنه مولى لأم الظباء السّدوسية، ولذلك قال أبو حذيفة واصل بن عطاء الغزّال رئيس المعتزلة لما هجاه بشار: أما لهذا الأعمى الملحد المشنّف المكتنى بأبى معاذ من يقتله؟ والله لولا أنّ الغيلة من سجايا الغالية، لبعثت إليه من ببعج بطنه في جوف منزله، ولا يكون إلا سدوسيّا، أو عقيليّا.
وكان واصل بن عطاء أحد أعاجيب الدنيا؛ لأنه كان ألثغ في الراء، فأسقطها من جميع كلامه وخطبه؛ إذ كان إمام مذهب، وداعى نحلة، وكان محتاجا إلى جودة البيان، وفصاحة اللّسان. قال الجاحظ: فانظر كثرة ترداد الراء في هذا الكلام وكيف أسقطها؟ قال: الأعمى، ولم يقل الضرير، وقال: الملحد، ولم يقل الكافر، وقال: المشنّف، ولم يقل المرعّث، وقال: المكتنى: بأبي معاذ، ولم يقل بشارا ولا ابن برد، وقال: الغالية، ولم يقل المغيرية، ولا المنصورية، وهم الذين أراد، وقال: نبعثت، ولم يقل لأرسلت، وقال: يبعج، ولم يقل يبقر، وقال: فى جوف منزله، ولم يقل في داره، وأراد بذكر عقيل وسدوس ما ذكر من اعتزائه إليهم.
وزعم الجاحظ أن بشارا كان يدين بالرّجعة، ويكفّر جميع الأمة؛ وأنشد له أشعارا صوّب بها رأى إبليس في تقديم النار على الطين، منها قوله:
الأرض مظلمة، والنار مشرقة ... والنار معبودة مذ كانت النار
وقال داود بن رزين: أتينا بشارا، فأذن لنا والمائدة بين يديه، فلم يدعنا إلى الطعام، ثم جلسنا فحضر الظهر والعصر والمغرب فلم يصلّ، ودعا بطست فبال