وبقينا نلتقى خيالا، ونقنع بالذكر وصالا، حتى جعلت عواصفه تهبّ، وعقاربه تدبّ.
والمجلس طويل جدا.
قلت: إن كنت خرجت لطول هذا الكلام عن ضبط الشرط، فلعلى أسامح فيه لفضله، وعدم مثله، وهو وإن كان فى باب الاتصال، فهو بتقدير الانفصال، لقيام كلّ رسالة بذاتها، وانفرادها بصفاتها.
وكتب إلى رئيس هراة عدنان بن محمد يصف ما جرى بينه وبين الخوارزمىّ:
ما ألوم هذا الفاضل على بساط شرّ طواه، وموقد حرب اجتواه، ولكنى ألومه على ما نواه؛ ثم لم يتبع هواه، ورامه، ثم لم يبلغ آثامه، وأقول: قد ضرب فأين الإيجاع؟ وأنذر فأين الإيقاع؟ وهذه بوارقه، فأين صواعقه؟ وذلك وعيده، فأين عديده؟ وتلك بنوده، فأين جنوده؟ وأنشد:
هذى معاهده فأين عهوده؟
وما أهول رعده، لو أمطر بعده! اللهمّ لأكفران، ولعن الله الشيطان، فإنّه أشفق لغريب أن يظهر عواره، وإن طار طواره «١» ، وإن كان قصد هذا القصد فقد أساء إلى نفسه من حيث أحسن إلىّ، وأجحف بفضله من حيث أبقى علىّ، وأوهم الناس أنه هاب البحر أن يخوضه، والأسد أن يروضه، وشجّعنى على لقائه، بعد ما برعنى «٢» بإيمائه، فبينا كنت أنشد: