للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبل إدراكها؛ فهى مستوية الأنابيب معتدلتها، مثقّفة الكعوب مقوّمتها؛ لا يرى فيها أمت زور، ولا وصم صغر ولا عوج، وقد رجوت أن يجدها الأمير عند إرادته وحسب بغيته.

ومن كلام منصور بن عمّار فى صفة القلم، ويقال إنه لسليمان بن الوليد الكاتب: أو ليس من عجائب الله فى خلقه، وإنعامه على عباده، تعليمه إياهم الكتاب المفيد للباقين حكم الماضين، والمخاطب للعيون بسرائر القلوب، على لغات مختلفة، بمعان مفترقة معقودة، وأحرف مقلوبة، من ألف وتاء، وجيم وباء، متباينات الصور، مختلفات الجهات، لقاحها التفكير، ونتاجها التأليف، تخرس مفردة، وتنطق مزدرجة، بلا أصوات مسموعة، ولا ألسن محدودة، ولا حركات ظاهرة، بل قلم حرّف باريه قطّته، ليعلق المداد به، وأرهف جانبيه ليردّ ما انتشر عنه إليه، وشقّ فى رأسه ليحتبس الاستعداد عليه، ورفع من شعبتيه لتجتمع حواشى تصويره؛ فهنالك روى القلم فى شقّه، وقذف المادة إلى صدره، فإذا علقتها العيون حكتها الألسن، فالقلوب حينئذ راعية، والآذان واعية، لكلام سدّاه العقل، وألحمه اللسان، وأدّته اللهوات، ولفظته الشّفاه، ووعته الأسماع، على اختلاف أنحاء، من صفات وأسماء؛ فتبارك الله أحسن الخالقين.

حمل من رسالة كتبها بعض أهل العصر، وهو أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النجيرمى، فى القلم إلى أبى عمران بن رياح:

إنه لما كان القلم مطيّة الفكر والبيان، ومخرج الضمير إلى العيان، ومستنبطا ما تواريه ظلم الجنان إلى نور البيان، ومريح الفطن العوازب، وجالب الفكر الغرائب [ولسان الغائب، وبز الكاتب، ومكتّب الكتائب] ، ومفرق الجلائب، وعماد السّلم، وزناد الحرب، ويد الحدثان، وخليفة اللسان، ورأس الأدوات التى

<<  <  ج: ص:  >  >>