للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: فلو أريت من أشعارك، ورويت من أخبارك، قال: خذهما فى معرض واحد، وأنشد:

أما ترونى أتغشّى طمرا ... ملتحفا فى الضّرّ أمرا إمرا

منطويا على الليالى غمرا ... ملاقيا منها صروفا حمرا

أقصى أمانىّ طلوع الشّعرى ... فقد عنينا بالأمانى دهرا

وكان هذا الحرّ أعلى قدرا ... وماء هذا الوحه أغلى سعرا

ضربت للسّرو قبابا خضرا ... فى دار دارا وإوان كسرى

فانقلب الدهر لبطن ظهرا ... وعاد عرف العيش عندى نكرا

لم يبق من وفرى إلا ذكرا ... ثمّ إلى اليوم هلمّ جرا

لولا عجوز لى بسرّ من را ... وأفرخ دون جبال بصرى

قد جلب الدّهر إليهم شرّا ... قتلت يا سادة نفسى صبرا!

قال عيسى بن هشام: فنلته ما تاح «١» ، وأعرض عنّا فراح، وجعلت أنفيه وأثبته، وأنكره وكأنى أعرفه، ثم دلّتنى عليه ثناياه، فقلت: الإسكندرى والله؛ فلقد كان فارقنا خشفا، ووافانا جلفا «٢» ، ونهضت على إثره، ثم قبضت على خصره، وقلت: ألست أبا الفتح؟ ألم تكن فينا وليدا، ولبثت فينا من عمرك سنين؟ فأىّ عجوز لك بسرّ من رأى؟ فضحك وقال:

ويحك هذا الزمان زور ... فلا يغرّنّك الغرور

غرّق وبرّق وكل وطرّق ... وأسرق وطلبق لمن تزور

لا تلتزم حالة ولكن ... در لليالى كما تدور

<<  <  ج: ص:  >  >>