يعنى أنّها تذكره أول النهار للغارة، ووقت المغيب للأضياف.
وقد قال ابن الرومى فيما يتعلق بطرف من هذا المعنى:
رأيت الدهر يجرح ثم يأسو ... ويوسى أو يعوض أو ينسّى
أبت نفسى الهلاع لرزء شىء ... كفى شجوا لنفى رزء نفسى
أتجزع وحشة لفراق إلف ... وقد وطنتها لحلول رمس
وقد أنكر على من تعلّل بالتأسى بما قال غيره «١» ، فقال فى ذلك:
خليلىّ قد علّلتمانى بالاسى ... فأنعمتما لو أننى أتعلّل
أللناس آثارى، وإلّا فما الأسى ... وعيشكما إلّا ضلال مضلّل
وما راحة المرزوء فى رزء غيره ... أيحمل عنه بعض ما يتحمّل
كلا حاملى عبء الرزية مثقل ... وليس معينا مثقل الظّهر مثقل
وضرب من الظلم الخفىّ مكانه ... تعزّيك بالمرزوء حين تأمّل
لأنك يأسوك الذى هو كلمه ... بلا بصر لو أن جورك يعدل
وقالت الخنساء:
وقائلة والنعش قد فات خطوها ... لتدركه يا لهف نفسى على صخر
ألا ثكلت أمّ الذين غدوا به ... إلى القبر! ماذا يحملون إلى القبر؟!
وماذا يوارى القبر تحت ترابه ... من الجود يا بؤس الحوادث والدهر
فشان المنايا إذ أصابك ريبها ... لتغد على الفتيان بعدك أو تسرى
وهذا المعنى كثير قد مرّت منه قطعة جيدة، ولم تزل الخنساء تبكى على أخويها صخر ومعاوية، حتى أدركت الإسلام؛ فأقبل بها بنو عمّها وهى عجوز كبيرة إلى عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه، فقالوا: يا أمير المؤمنين! هذه الخنساء،