للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: أخرها حتى غاب الشفق، ثم صلى، وأخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك (١)، فبين أنه صلى المغرب في وقت العشاء.

فإن قيل: يحمل قول أنس - رضي الله عنه -: أخر الظهر إلى وقت العصر، على أنه قارب وقت العصر، وكذلك قوله في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: أخر المغرب حتى غاب الشفق، معناه: قارب أن يغيب، كما قال تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٤]، وأراد: قارب بلوغ أجلهن، ولأنه يحتمل أن يكون أراد بالشفق (٢)، وفي ذلك الوقت لا يخرج وقت المغرب عند أبي حنيفة - رحمه الله -، ولأنه يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤخر حتى يصليها بعد ما يصير ظل كل شيء مثله، وكان عند أنس - رضي الله عنه -: أن وقت العصر يدخل بذلك، وعند أبي حنيفة: لم يدخل وقتها.

قيل له: أما قولك: إنني أحمل هذا على أنه قارب وقت العصر، فهذا خلاف الحقيقة؛ لأن الحقيقة تقتضي الإكمال؛ كما قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩]، والمراد به: كمال البلوغ، ولأن قوله: أخرها إلى وقت العصر، نحو قوله: أخر المغرب بالمزدلفة إلى وقت العشاء، والمراد بذلك: خروجُ الوقت.


(١) مضى تخريجه في ص ٧٢.
(٢) كذا في الأصل، ولعل ثمة سقطًا، وفي الانتصار (٢/ ٥٥٧): (معناه: حتى قارب الغيبوبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>