التتابع، لم يجز أن يدخل فيهما في وقت يعلم أنه يخرج منهما قبل إتمامهما؛ مثل: أن يدخل فيهما في شعبان، أو ذي القعدة، فإنه يحتاج أن يخرج لصوم رمضان، أو لفطره في يوم النحر، وأيام التشريق.
والجواب: أنه يجوز له عندنا الدخول في صوم الشهرين في وقت يعلم أنه يتخللهما ما يقطعهما، فدخوله مع الإمام - مع علمه أنه يصير منفردًا - بمثابة دخوله في صيام يعلم أنه يتخلله ما يقطعه، فلا فرق بينهما، على أن هذا يبطل به إذا بقي من وقت الجمعة مقدار ركعة؛ فإنه يجوز الدخول فيها، وإن كان يعلم أنه يتخللها ما يقطعها، وهو خروج الوقت؛ لأن عنده يبني عليها ظهرًا.
واحتج: بأن الائتمام أفاد الفضيلة دون جواز؛ بدلالة: أنه لو صلى منفردًا، صحت صلاته، فانفراده بصلاة نفسه يسلبه الفضيلة التي استفادها دون الجواز.
الجواب: أن الائتمام يكسبه الفضيلة، وأحكامًا أُخرَ مخالفةً لصلاة المنفرد، وقد بينا ذلك، فإذا انفرد بصلاة نفسه، فقد نقلها من الجهة التي انعقدت إلى جهة أخرى مخالفة لها في الأحكام، فصار بمنزلة من افتتح الجمعة، ثم نقلها إلى الظهر، أو افتتح الظهر، ثم نقلها إلى الجمعة.
* فصل:
والدلالة على أنه إذا كان خروجه لعذر لا تبطل صلاته: ما رُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف بذات الرقاع (١)، فصلى بطائفة ركعة،
(١) سميت بذلك: لأنهم شدُّوا الخِرق على أرجلهم من شدة الحر؛ لفقد =