المقيم مع أهله في حكم المقيم، ولأن من يتكرر دخوله إلى مكة؛ كالحَشّاشة، والحَطّابة يسقط عنهم الإحرام إذا مروا على الميقات؛ لما عليه من المشقة، ويجب الإحرام على غيرهم؛ لعدم المشقة، كذلك رُخَص السفر تثبت في حق المسافر لأجل ما يلحقه من المشقة، وهذا يختص من لا يتكرر سفره، فأما من يتكرر سفره، لا مشقة عليه؛ لأنه قد صار ذلك إِلْفة.
واحتج المخالف: بقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}[النساء: ١٠١]، وهذا عام.
والجواب: أن هذا محمول على غير مسألتنا؛ بدليل: ما تقدم.
واحتج: بأن المسافر إنما جاز له القصر؛ لما يلحقه من المشقة، وهذا المعنى يوجد في مسألتنا، فيجب أن يباح له القصر.
والجواب: أن المشقة إنما تلحقه؛ لأن وطنه حصل على وجه تلحقه المشقة، فهو كأهل الصنائع الذين تلحقهم المشاق في بلادهم؛ فإن ذلك لا يبيح له القصر، كذلك ها هنا، ولأن كذلك من له بلد يرجع إليه؛ لأن وطنه يحصل له به رفاهة، فإذا انتقل عنه، جاز أن يترخص، وهذا وطنه حصل على صفة تلحقه المشقة، فلم يؤثر ذلك في باب الرخصة.
* فصل:
فإن قدم بلدًا، فتزوج فيه، ولم ينو إقامة أربعة أيام، لم يجز له القصر، وكذلك لو قدم على بلد له فيه أهل، نص على الأولى في رواية