وقال مالك، والشافعي - رضي الله عنهما -: يجوز الجلوس قبل وضعها.
دليلنا: ما روى أبو عبد الله بن بطة بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع".
وروى أيضًا بإسناده عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبع أحدكم جنازة فلا يجلس حتى توضع".
ولأن الجنازة متبوعة، ومن معها تبع لها، والتابع لا يجلس قبل جلوس متبوعه، فالذين مع السلطان لا يجلسون قبله.
واحتج المخالف: بما روى ابن بطة عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم في الجنازة حتى توضع في اللحد، فمر حبر من اليهود فقال: هكذا نفعل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجلسوا وخالفوهم".
والجواب: أنا نحمل قوله: "اجلسوا"، قبل أن يوضع في اللحد، وبعد أن يوضع على شفير القبر، فتكون المخالفة لهم في الامتناع من الجلوس قبل أن توضع في اللحد.
ويحتمل أن يكون قوله:"خالفوهم واجلسوا"، ليبين أن ذلك مباح، وليس بمحرم، والله سبحانه وتعالى أعلم.