واحتج: بأن المذي من أجزاء المني؛ بدلالة: أنه يخرج للشهوة كما يخرج المني، ثم المذي نجس، كذلك المني.
والجواب عنه: ما تقدم، وهو أن المذي يجب غسلُ نجاسته، ولا يخلق منه طاهر، وهذا بخلافه، وعلى أنه قد منع قوم كونَ المذي من أجزاء المني، وقد تقدم الكلام في ذلك في كتاب: الطهارة.
واحتج: بأن المني - وإن كان طاهرًا -، فهو يخرج من مخرج الحدث، فيتنجس حالَ خروجه.
والجواب: أنه قد قيل: إن مجراهما في الباطن مختلف، وقد نص أحمد - رحمه الله - على هذا في رواية بكر بن محمد (١) - وقد سأله عن المذي أشد أو المني؟ -، قال: هما سواء، ليسا من مخرج البول، إنما هو من الصلب والترائب.
وعلى أن نجاسة الباطن لا حكم لها؛ لأنه لا ينفك منها، ولأن الله تعالى قال:{مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا}[النحل: ٦٦]، وذلك اللبن ليس بنجس، ويوضح هذا: أنه يجوز الاقتصار على فركه، والفرك لا يجوز في البول، فدل على أن نجاسة الباطن لا حكم لها.
* فصل:
والدلالة على أنه يجزيء فيه الفرك إذا كان يابسًا، إذا قلنا: إنه
(١) جعل الموفق بن قدامة صاحبَ هذه الرواية محمدَ بن الحكم. ينظر: المغني (٢/ ٤٩٠).