واحتج: بما رُوي عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: مَرَّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أسقي راحلتي، وتنخَّمت، فأصابتني نُخامتي، فجعلت أغسل ثوبي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما نُخامَتُك ودموعُ عينيك إلا بمنزلة واحدة، إنما تغسل ثوبك من الغائط والبول، والمني والدم والقيء"(١).
والجواب: أنا نحمل قوله على طريق الاستحباب.
واحتج: بأن خروجه يوجب الغسل، فأشبه دم الحيض.
والجواب: أن نجاسة الشيء غير متعلقة بكونه موجبًا للغسل، بدليل: الاستحاضة، والبول، والمذي، وعلى أنه ينتقض بخروج الولد، وليس معه نفاس، فإنه يوجب الغسل، وليس بنجس، وعلى أن المعنى في الحيض. أنه يجب غسله يابسًا، فكان نجسًا، والمني لا يجب غسله يابسًا، فلم يكن نجسًا؛ كالبزاق؛ ولأن الحيض خارج لا يُخلق منه طاهر، فكان نجسًا، وهذا يخلق منه طاهر، فهو بالبيض أشبه.
واحتج: بأنه مائع ينقض الوضوء، أشبهَ البولَ، والمذيَ.
والجواب: أن كونه مائعًا لا تأثير له في النجاسة؛ بدليل: الغائط، والبول هما سواء في التنجيس، وإن كان أحدهما جامدًا، وعلى أن المعنى في ذلك: ما تقدم، وهو أنه يجب غسله يابسًا، وهذا بخلافه، ولأن ذلك لا يخلق منه طاهر، وهذا بخلافه، فهو كالبيض.