قيل: لا نسلم هذا؛ لأن القتل بغير الحديدة، إما أن يوجب القود فقط أو يوجب أحد الشيئين: القود أو الدية، وعلى أنه إذا قتله بالحديد فقد وجب عن نفسه بدل أيضًا وهو القصاص، بل هذا البدل أعظم وآكد من المال، ثم ثبت أن ثبوت القصاص مع تأكده يمنع الغسل، فأولى أن يمنع ثبوت المال مع ضعفه.
واحتج من أوجب الغسل في الجملة: بما روي أن عمر - رضي الله عنه - قتل فغسل وصلي عليه، وكذلك عثمان - رضي الله عنه -.
والجواب: أن عمر - رضي الله عنه - ارتثَّ فلهذا غسل، وكذلك عثمان - رضي الله عنه -، والمُرْتثُّ عندنا: يحصل تارة بالأكل والشرب أو الكلام أو يحمل أو يوصي، وقد وجد منهما ذلك بعد الجرح.
واحتج: بأنه مسلم قتل في غير معترك المشركين فهو كالمقتول خطأ، وقصاصًا، وفي الزنا.
والجواب: أن المعنى هناك أنه لم يقتل ظلمًا، فلم يكن شهيدًا، وليس كذلك في مسألتنا؛ لأنه قتل ظلمًا، ولم يرتث ولا وجب عليه غسل في جنابة، فهو كالمقتول في المعترك، وأما إذا قتل خطأ فذلك القتل لا مأثم فيه، فهو كقتل البغاة، والزناة، والله أعلم.