للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالك (١)، والشافعي (٢) - رضي الله عنهم -: لهم القصر إذا نووا مسافة القصر.

دليلنا: ما أنا أبو محمد عبد الله بن الضرير (٣)، يخرج الدارقطني بإسناده عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقصر الراعي" (٤)، ولأنه لم يوجد انتقال عن موطنه، ولا العدول عن أهله، فلم يجز له القصر؛ دليله: إذا سافر في بلد من محلة إلى محلة، وإذا كان سفره ستة عشر فرسخًا، وإذا نوى الإقامة في بلد أربعة أيام.

وإن شئت قلت: من لا يجوز له الجمعُ لا يجوز له القصر؛ دليله: ما ذكرنا، وهذا على أبي حنيفة، فإن مَنْ دأبُه السفر لا يرجع إلى وطن فهو في حكم المقيم، ألا ترى أنه لو طلق زوجته وهي معه على السفينة؛ بحيث لا يخلو بها، فإنها تقضي العدة على نحو ما تقضيها وهي مقيمة في البلد، وإن كانت سائرة متنقلة، وتبين صحة هذا: ما روى عثمان بن عفان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تزوج ببلد، فهو من أهله" (٥)، فجعل


(١) ينظر: المدونة (١/ ١١٩)، ومواهب الجليل (٢/ ٤٩٦).
(٢) ينظر: الأم (٢/ ٣٧٠)، وروضة الطالبين (١/ ٤٠٣)، والأفضل عند الشافعية أن يتم.
(٣) هو: عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو محمد الضرير، قال الخطيب البغدادي: (كان فيه تساهل، وكان فيه صلاح، ولم يكن في الحديث بذاك)، توفي سنة ٣٩٢ هـ. ينظر: تاريخ بغداد (١٠/ ١٣٩).
(٤) سيذكر المؤلف الحديث بلفظ أتم، وبإسناده في ص ٦١.
(٥) مضى تخريجه في (٢/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>