للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدر أن يذهب، فهو أفضل، ومن لم يقدر، لم يذهب؛ فقد جعله عذرًا في إسقاط الجمعة؛ خلافًا لأصحاب الشافعي - رحمهم الله - في قولهم: ليس بعذر (١).

فالدلالة عليه: ما تقدم (٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنه أمر مناديه في ليلة باردة، فنادى: الصلاة في الرحال، وحدَّث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان الليلة الباردة أو المطيرة، أمر المنادي فنادى: الصلاة في الرحال، فإذا جاز ترك الجماعة لأجل البرد، كان فيه تنبيه (٣) على الوحل؛ لأنه ليس مشقة البرد (٤) بأعظم من الوحل، ويدل على حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من غير مطر ولا خوف (٥)، ولا وجه له يحمل عليه إلا والوحل، وهو أولى من حمله على غير العذر، والنسخ؛ لأنه يحمل على فائدة، ولأن المطر يبل الثياب، والوحل يبل النعل، فهما في المشقة سواء.

فإن قيل: مشقة المطر أعظم، لأنه يبل الثياب والنعال.

قيل: هذا لا يوجب الفرق، ألا ترى أن مشقة المرض أعظم من


(١) ينظر: الحاوي (٢/ ٣٩٩)، والمهذب (١/ ٣٤١).
(٢) في ص ٩٠.
(٣) في الأصل: تنبيهًا.
(٤) في الأصل: الوحل، والتصويب من الفروع (٣/ ١٠٦)؛ فقد نقل نص كلام القاضي أبي يعلى.
(٥) مضى تخريجه في ص ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>