للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة؛ فإن من البيان. سحرًا" (١)، وإذا كان هذا أصل الحديث، فلا حجة فيه؛ لأنه أمر بإقصار الخطبة، وقول: سبحان الله ليس بخطبة، وكذلك: باسم الله، ولا إله إلا الله، وإنما إقصار الخطبة أن يوجزه، فيأتي بما يقع عليه اسم الخطبة.

واحتج: أن عثمان - رضي الله عنه - صعد المنبر، فأُرْتِج عليه (٢)، وقال: إنكم إلى إمام فعّال أحوجُ منكم إلى إمام قوّال، وإن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - كانا يعدان لهذا المقام مقالًا، وأنا أستغفر الله العظيم لي ولكم، ونزل، وصلى بالناس (٣)، وكان يحضره الناس من الصحابة من غير نكير من أحد منهم.

والجواب: أنه قد قيل: إنه كان في خطبة البيعة؛ لأنها اتفقت بغتةً، وخطبةُ الجمعة لا تكون إلا بعد التمكن من إعداد المقال لها، ولأنه يحتمل أن يكون أرتج عليه في إتيانها، واقتصر على ما تقدم.

واحتج: بأن هذا القدر من الكلام يسمى خطبة؛ بدلالة: ما رُوي أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! علمني عملًا يُدخلني


(١) مضى تخريجه في الحاشية الماضية ص ٢٠٩.
(٢) رُتِجَ الرجل في منطقه: إذا استغلق عليه الكلام. ينظر: الصحاح (رتج).
(٣) قال ابن حجر: (لم أجده مسندًا)، وقال ابن الهمام: (لم تعرف في كتب الحديث، بل في كتب الفقه). ينظر: الدراية (١/ ٢١٥)، وفتح القدير (١/ ٤١٥)، وللفائدة ينظر: عارضة الأحوذي (٢/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>