للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودلالة ثانية من الآية الكريمة: وهو قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} وظاهره يقتضي أن الطائفة الثانية تصلي مع الإمام جميع صلاتها، وعندهم: تصلي مع الإمام النصف.

ودلالة ثالثة من الآية: وهو أن الله تعالى لم يأمر واحدة من الطائفتين بالرجوع إلى موضع الصلاة لإتمام الصلاة، وعلى قولهم: إنها ترجع.

وأما موافقته للأصول ومخالفة خبرهم لها فهو: أن العمل الكثير يبطل الصلاة في حال الاختيار (١)، وما يذهبون إليه فهو عمل كثير؛ لأن الطائفة إذا صلت انتظرت فراغ الإمام، وذلك انتظار كثير، ويحصل منها: استدبار القبلة، وسير الدابة، والنزول عنها، وربما احتاج إلى الضرب، والطعن، والتقدم، والتأخر، وربما نجس سلاحه بالدم، وهذه الأشياء تنافي الصلاة.

فإن قيل: مثل هذا جائز في الصلاة في حال العذر، بدليل: أنه إذا سبقه الحدث ينصرف، ويتوضأ، ويعود، ويبني على صلاته (٢).

قيل له: عندنا صلاته تبطل (٣)، ولأن ما ذهبنا إليه فيه تسوية بين الطائفتين من وجهين: أحدهما: أن الإمام يُحرم بالأولة، ويُسلِّم بالثانية،


(١) في الأصل: اختيار، وينظر: رؤوس المسائل للعكبري (١/ ٣٤٧).
(٢) ينظر: الحجة (١/ ٦٠)، ومختصر الطحاوي ص ٣٢.
(٣) ينظر: مسائل صالح رقم (٦٨٤ و ١٢٧٨)، ومسائل ابن هانئ (٣٧ و ٢٢٨ و ٣٩٧)، ومسائل الكوسج رقم (٨٩)، والانتصار (٢/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>