للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في الإملاء: لا يعيدون.

دليلنا: أن الله تعالى أباح صلاة الخوف بشرط العدو، فلا تجزئهم كما لو علموا أنه ليس هناك عدو.

ولأن السبب الموجب للخوف هو العدو، والعدو غير موجود، فالسبب غير موجود، وإذا لم يوجد السبب صار كأنه صلى بإيماء من غير سبب أوجب ذلك، فلا تجزؤه، وليس هذا مثل أن يخاف السبع بانقطاعه عن القافلة أن له أن يصلي على الراحلة بإيماء؛ لأن الانقطاع عن القافلة هو السبب الذي يوجب خوف الضرر من السبع، وهو يحصل بانشغاله بالصلاة، وأما في مسألتنا فليس السبب الموجب لخوف العدو الاشتغال بالصلاة، وإنما السبب خوف (١) العدو، والعدو غير موجود.

واحتج المخالف: بقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٨، ٢٣٩]، فأباح ذلك عند الخوف، وذلك موجود.

والجواب: أن معناه فإن خفتم العدو في الحقيقة، بدليل: ما قدمنا.

واحتج: بأنهم صلوا لعلة موجودة، وهو الخوف، فيجب أن تصح صلاتهم قياسًا عليه إذا كان هناك عدو حقيقة، قالوا: والذي يدل على أن العلة الخوف أن العدو لو حضروا ولم يخافوا منهم (٢) لم يجز لهم


(١) في الأصل: كوف.
(٢) في الأصل: مهم، والصواب المثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>