فإن قيل: قد منعت من قياس تكبيرات العيدين على تكبيرات صلاة الجنازة في المسألة التي قبلها، فكيف جاز لك أن تقيس عليها ها هنا؟!
قيل له: إنما منعنا من اعتبار صلاة العيد بصلاة الجنازة في التخفيف والتقصير، فأما اعتبارها بها في إثبات ما شرع فيها فلم يعرف، بل يجب اعتباره للمعنى الذي ذكرنا، وهو أن تكبيرات الجنازة مع أنها مبنية على التخفيف لم يسقط الذكر، والأولى أن لا يسقط ها هنا.
فإن قيل: تكبيرة من صلاة الجنازة قائمة مقام ركعة فما يفصل في سائر الصلوات بين كل ركعتين بذكر، كذلك يفصل بين كل تكبيرتين من صلاة الجنازة، وهذا معدوم ها هنا.
قيل له: لا نسلم لك أن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة، وهذا فصل سيأتي الكلام عليه في مسائل الجنائز إن شاء الله تعالى؛ لأنه تكبير يتوالى حال القيام، فلا يقوم مقام الركوع كتكبيرة الإحرام، وتكبير العيد.
وقياس آخر: وهو أن كل تكبيرة مشروعة في الصلاة فإنه يتعقبه ذكر مسنون قياسًا على التكبير في سائر الصلوات.
واحتج المخالف: بأنه ذكر تكرر في ركن، فوجب أن يوالي بين الأول وبين ما بعده ولا يفصل بذكر، دليله: تسبيحات الركوع والسجود.
والجواب: أنه ينتقض بتكبيرات الجنازة، وعلى أنا نقابله بقياسنا، وهو أولى؛ لأن قول ابن مسعود - رضي الله عنه - يعضده، والله سبحانه وتعالى أعلم.