فإن قيل: المراد بذلك الذكر على الرمي، ألا ترى أنه قال تعالى:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}.
قيل له: أول اللفظ عام، وآخره خاص، وتخصيص آخره لا يوجب تخصيص أوله.
وأيضًا حديث جابر - رضي الله عنه - الذي تقدم وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر إلى آخر أيام التشريق.
ولأنه يوم من فيه الرمي، فوجب أن يكون التكبير فيه مسنونًا عقيب الصلوات، أصله: يوم النحر.
واحتج المخالف: بأنه ليس فيه تلبية مسنونة، فوجب أن لا يكون فيه تكبير مسنون، أصله: بعد أيام التشريق.
والجواب: أن عدم التلبية لا يدل على إسقاط التكبير؛ لأن بقاء التلبية دليل على اشتغاله بها عن غيرها من الأذكار، كما أن اشتغاله في الصلاة يمنعه عن التكبير حتى يفرغ منها، وعلى أن المعنى في غير أيام التشريق أنه لا يختص بركن ولا يسن فيه الرمي، وهذا بخلافه.
واحتج: بأن إثبات هذا الضرب من المقادير طريقه التوقيف والاتفاق، وقد عُدما بعد يوم النحر، فلا نثبته.
والجواب: أنا لا نسلم هذا الأصل؛ لأنا قد نثبت المقادير بالقياس، وعلى أن يوم عرفة قد أثبت التكبير فيه بغير اتفاق، فإن النجاد روى عن زيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر - رضي الله عنهم -: أنهم كانوا يكبرون من صلاة