للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أصحابنا: إنما قال هذا لأن الغالب من حال الميت أنه يحدث عند خروج جروحه، فحكم أحمد رحمه الله بنجاسة الماء لهذه العلة إلا (١) أن الآدمي ينجس بالموت.

وبهذا قال الشافعي - رضي الله عنه -.

قال أبو حنيفة رحمه الله: ينجس بالموت، ويطهر بالغسل.

دليلنا: ما روي عن عطاء بن أبي رباح عن (٢) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنجسوا موتاكم، فإن المسلم ليس بنجس حيًا ولا ميتًا".

فإن قيل: معناه ليس بنجس نجاسة لا تزول كالخنزير.

قيل له: هذا لا يصح؛ لأن الخبر يقتضي نفي النجاسة، وإثبات الطهارة، فهو كقوله عليه السلام: "لا تحرموا لحم الفرس فإنه ليس بحرام"، فإنه يقتضي نفيًا لتحريمه، وإثباتًا لطهارته، وعلى أن هذا التأويل لا يصح في حال الحياة؛ لأنه في حال الحياة اقتضى نفيًا للنجاسة وإثباتًا للطهارة يجب أن يكون في حال الموت كذلك؛ لأن لفظ المنع في الحالتين سواء.

ولأنه أذى فيجب أن لا ينجس بموته، أصله: الشهيد.

فإن قيل: القتل على وجه الشهادة يوجب التطهير، ألا ترى أنه


(١) كذا في الأصل، ولعل صوابها: لا.
(٢) في الأصل: وعن عبد الله بن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>