وفيه احتراز من القتل على وجه الشهادة؛ لأن ذلك بمعصية، تبين صحة أن الصلاة على الميت شفاعة ودعاء واستغفار، وأهل البغي أحوج إلى ذلك من أهل العدل، ولا يلزم عليه المقتول شهيدًا؛ لأن ذلك استغنى بشهادة الله - عز وجل - عن الصلاة عليه.
فإن قيل: أليس قد قلتم: إن من قتل نفسه، ومن غلَّ من الغنيمة لا يصلى عليه، وهي معصية لا تخرجه عن الإيمان، وهو محتاج إلى الدعاء.
قيل له: لا نقول: إنه لا يصلى عليه أصلًا، وإنما قلنا لا يصلي عليه الإمام خاصة ردعًا له، فإنما بقية المسلمين فإنهم يصلون عليه ويغسلونه.
واحتج المخالف: بأن عليًا - رضي الله عنه - لم يغسل قتلى أهل النهروان، ولم يصل عليهم.
والجواب: أنه يحتمل أن يكون صلى عليهم غيره وغسلهم فاكتفى بذلك، وهذا هو العادة أن الناس يتسارعون إليه.
واحتج: بأن قتالهم وجب للذب عن الدين، فوجب أن يصلى عليهم كأهل الحرب.
وإن شئت قلت: يستحلون قتال أهل الحق ولأن لهم منعًا وقد باينوا أهل الحق، وباينوهم بالقتال فهم كأهل الحرب.
والجواب: أن قتلهم ليس للذب عن الدين، وإنما هو لأجل الإمامة والرئاسة، ولأجل هذا لا تغنم أموالهم، ولأن أهل الحرب كفار، والكفر