فإن قيل: أجمعنا على الفرق بينهما؛ لأنه إذا قرأ:{وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}[ص: ٢٤]، سجد، وإذا قرأ توبة آدم، لا يسجد، فدل أنه في {ص} للتلاوة.
قيل له: لا فرق بينهما عندنا؛ لأنه لا يسجدهما لتلاوتهما، وليس واحد منهما حثًا على السجود، ولا ترغيبًا، فقد سوّينا بينهما في ذلك.
وأما قوله: إنكم تسجدون لتوبة داود، ولا تسجدون لتوبة آدم - عليه السلام -، فإنما فرقنا بينهما؛ لأن آدم - عليه السلام - لم يسجد لتوبته، وداود - عليه السلام - سجد لتوبته، فسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للشكر على صفته وهيئته.
وأيضًا (١): فإنه ليس بحثٍّ على السجود، ولا ترغيب فيه، وإنما السجود في الموضع الذي يكون [في] القرآن حثًا على السجود، وترغيبًا فيه، ألا ترى أن سائر مواضع السجود فيها أمرٌ بالسجود، أو حث عليه؛ كقوله تعالى:{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}[العلق: ١٩]، وقوله تعالى:{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}[النجم: ٦٢]، ونحو ذلك، وها هنا هو خبر عن فعل داود - عليه السلام -، وليس بحث، فوجب أن لا يتعلق بتلاوته السجود.