للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقياس: أنها توبة نبي، فوجب أن لا يتعلق بتلاوتها سجود، أصلُه: قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: ٣٧]، وقوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: ١٢١، ١٢٢].

فإن قيل: أجمعنا على الفرق بينهما؛ لأنه إذا قرأ: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤]، سجد، وإذا قرأ توبة آدم، لا يسجد، فدل أنه في {ص} للتلاوة.

قيل له: لا فرق بينهما عندنا؛ لأنه لا يسجدهما لتلاوتهما، وليس واحد منهما حثًا على السجود، ولا ترغيبًا، فقد سوّينا بينهما في ذلك.

وأما قوله: إنكم تسجدون لتوبة داود، ولا تسجدون لتوبة آدم - عليه السلام -، فإنما فرقنا بينهما؛ لأن آدم - عليه السلام - لم يسجد لتوبته، وداود - عليه السلام - سجد لتوبته، فسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للشكر على صفته وهيئته.

وأيضًا (١): فإنه ليس بحثٍّ على السجود، ولا ترغيب فيه، وإنما السجود في الموضع الذي يكون [في] القرآن حثًا على السجود، وترغيبًا فيه، ألا ترى أن سائر مواضع السجود فيها أمرٌ بالسجود، أو حث عليه؛ كقوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩]، وقوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: ٦٢]، ونحو ذلك، وها هنا هو خبر عن فعل داود - عليه السلام -، وليس بحث، فوجب أن لا يتعلق بتلاوته السجود.


(١) كررت (أيضًا) في الأصل مرتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>