للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أيضًا عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها -: أنه كان عندها شيء أعطاها النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه في سَفَط (١)، فلما قُتل عبد الله - رضي الله عنه -، ذهب، وأرسلت في طلبه رجلًا، فجاءها به، فسجدت (٢)، وهذا كله يدل على ثبوت سجود الشكر وشهرته بينهم.

واحتج المخالف: بأن نعم الله - عز وجل - على نبينا - صلى الله عليه وسلم - كانت ظاهرة، وآلاؤه لديه متواترة، من حين بُعث إلى أن قُبض، فمما أنعم الله: أنه اصطفاه بالرسالة، واجتباه للنبوة، وائتمنه على وحيه، وصيَّره سفيرًا بينه وبين خلقه، وجعله خاتم النبيين، وسيد المرسلين، وأيده بالبراهين الواضحة، والحجج اللائحة، والمعجزات الدالة على صدقِه، وصحةِ ما جاء به من عند ربه - عز وجل -، ثم مكّنه من أعداء الدين، وملَّكه رقابهم، وأموالهم، ولم ينقل عنه أنه سجد لشيء من ذلك شكرًا لله تعالى، فلو كان سجود الشكر مسنونًا (٣) مستحبًا، لما جاز أن يتركه عند هذه النعم المتجددة، ولو فعل، لنُقِل، فلما لم ينقل، دل على أنه لم يفعل، وأنه غير مسنون (٤).


(١) السَّفَطُ: الذي يُعبَّأ فيه الطيب، وما أشبهه من أدوات النساء. ينظر: لسان العرب (سفط).
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير رقم (٢٨٢)، قال الهيثمي في المجمع (٢/ ٢٩٠): (إسناده حسن، وفي بعض رجاله كلام).
تنبيه: في المعجم الكبير تصحف (سفط) إلى: (سقط).
(٣) في الأصل: منسوبًا، والصواب المثبت.
(٤) في الأصل: منسوب، والصواب المثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>