الصلاة؛ لقوله:"فليتمه، ويسلم"، والتمام عادة عن الفراغ، وعلى أن السلام إذا أطلق، عقل منه السلام الذي يتحلل به من الصلاة، ألا ترى أنه قال:"تحليلها التسليم"(١)، فعقل منه السلام المعهود، وهو الذي يقع به التحلل فيها، فمن استعمل أخبارنا في السلام المذكور في التشهد، فقد أزالها عن ظاهرها، وما رووا من الأخبار، فنقول بظاهرها فيما وردت فيه، غير الحالتين اللتين ذكرناهما، ومن استعمل الأخبار على ظاهرها، كان أسعد ممن صرف بعضها عن مقتضاها.
وأيضًا: فإن الصلاة عبادة لها تحليل وتحريم، فكان من أفعالها ما يفعل بعد التحليل منها؛ كالحج منه ما يُفعل بعد التحلل، وهو طواف الزيارة، والرمي.
ولأنها عبادة لا يقف وجوبها على وجود مال، فكان جبرانها ما يفعل بعد الخروج؛ كالصوم من جبرانه ما يُفعل بعد الخروج منه، وهو الصوم في كفارة الوطء.
ولا معنى لقولهم: إن زمان الصوم لا يقبل غيره، فلهذا وجب تأخير
(١) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه، رقم (٦١٨)، والترمذي في كتاب: الطهارة، باب: أن مفتاح الصلاة الطهور، رقم (٣)، وابن ماجه في كتاب: الطهارة، باب: مفتاح الصلاة الطهور، رقم (٢٧٥)، من حديث علي - رضي الله عنه -: قال الترمذي: (هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن)، قال ابن حجر: (أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح). ينظر: الفتح (٢/ ٤١٧).