للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي - رحمه الله -: إن ذكر، وكان قريبًا، سجد، قولًا واحدًا، وإن تطاول وتشاغل، فعلى قولين: أحدهما: يسجد، والثاني: لا يسجد، وهو الصحيح عندهم (١).

فالدلالة على أنه إذا تطاول وتشاغل، وخرج من المسجد، لا يسجد: وهو أنه سجود مفعول لتكملة الصلاة، فلم يجز بناؤه على التحريمة إلا على حسب ما يبني سائر أفعال الصلاة، دليله: لو سلم، وقد بقي عليه سجدة أو سجدتان، وتطاول واشتغل، فإنه ينقطع حكم التحريمة، ولا يبني عليه، كذلك سجود السهو؛ ولأن تكبيرات التشريق لما كان من سببها أن تفعل عقيب السلام، لم يقضها إذا تركها حتى تطاول؛ كذلك سجود السهو.

واحتج المخالف: بأنه يفعل على وجه الجبران، فوجب أن يلزم وإن تطاول، كالجبران في الحج.

والجواب: أن الجبران في الحج لا يفعل بناءً على إحرام الحج، وهذا يفعل بناءً على التحريمة، فهو كسائر الأفعال؛ ولأن أفعال الحج لما جاز أن يبني بعضها على بعض، وإن تطاول، وهو أنه يفعل الطواف بعد الوقوف بزمان طويل، جاز أن يلزم الجبران فيه، وإن تطاول، وهذا بخلافه.


(١) ينظر: الحاوي (٢/ ٢٢٧)، ونهاية المطلب (٢/ ٢٤١)، والبيان (٢/ ٣٤٧).
وعند المالكية تفصيل: فإن كان السجود بعد السلام، فيسجد، ولو طال الفصل، وإن كان قبل السلام، ولم يتطاول الفصل، سجد، وإلا، أعاد الصلاة. ينظر: المدونة (١/ ١٣٧)، والمعونة (١/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>